العلاج الوظيفي واضطراب طيف التوحد

العلاج الوظيفي واضطراب طيف التوحد

 

محمود أبو السيلات

أخصائي علاج وظيفي

 

نشأ العلاج الوظيفي في بداية القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية وكان محدوداً بمجالات محددة تخدم الأفراد في المؤسسات الصحية والنفسية، ومع مرور الوقت تطورت مهنه العلاج الوظيفي لتشمل مجموعة متنوعة من المجالات والخدمات واتسعت دائرة استهداف الأفراد على مختلف فئاتهم العمرية وعلى مختلف إعاقاتهم (قدراتهم) واحتياجاتهم.

يهدف العلاج الوظيفي بشكل عام الى مساعدة الأشخاص للوصول الى أعلى درجة ممكنة من الاستقلالية لإتمام أنشطة الحياة اليومية، وعندما يتعلق الأمر باضطراب طيف التوحد لابد أن يكون العلاج الوظيفي جزءا أساسياً من الخطة العلاجية الشاملة.

يقوم المعالج الوظيفي بالتقييم الشامل لمهارات الفرد وتحديد المجالات التي تحتاج الى التدخل والمساعدة، ومن ثم تبدأ رحلة العلاج بعد وضع خطة علاجية واضحة وشاملة مع توصيات هامة للأسر وبقية أعضاء الفريق العلاجي.

تشمل مجالات العلاج الوظيفي عدة جوانب من أهمها مهارات الحياة اليومية كالنظافة الشخصية، مهارات ارتداء الملابس وتناول الطعام، المهارات الحركية الدقيقة والكبرى كمهارات الإمساك بالأشياء والكتابة ونقل الأشياء والتناسق الحركي، والعديد من الأنشطة الحركية الأخرى، المهارات الاجتماعية كمهارات التواصل واللعب والمشاركة، التدريب والتهيئة والتأهيل المهني مع فئة المراهقين والبالغين حيث يقوم المعالج بتهيئة الفرد ذو التوحد ومن ثم الإشراف عليه أثناء التدريب على أحد المهن مثل الخياطة والنجارة والأعمال الحرفية والمكتبية والقيام بالتدخل الصحيح عند اللزوم، تنمية المهارات الحسية حيث تعتبر المشاكل والصعوبات الحسية أحد أهم الاضطرابات الشائعة والمشتركة عند ذوي اضطراب طيف التوحد، حيث يُظهرون استجابات وردود فعل غير مناسبة مما يؤثر سلباً عليهم في ممارسة أنشطة ومهارات الحياة اليومية، ويعود ذلك الى خلل في منظومة التكامل الحسي.

يشير التكامل الحسي إلى قدرة الجهاز العصبي على معالجة المعلومات الحسية المختلفة الواردة من البيئة المحيطة وتنظيمها ومعالجتها وإصدار استجابات مناسبة، ويقوم المعالج الوظيفي بإعداد خطة تشمل أنشطة وتمارين حسية تحتوي أيضا على توصيات بإجراء بعض التغييرات البيئية أحيانا أو استخدام بعض الوسائل والأدوات التي تساهم في تحقيق أهداف خطة التدخل الحسي.

تعد خدمة العلاج الوظيفي اليوم من أهم التخصصات الطبية المساندة التي يجب توفرها في المراكز والعيادات المتخصصة لتأهيل هذه الفئة بجميع فئاتها العمرية، بل يعد شرطاً من شروط تقديم خدمات التأهيل الشامل عند بعض المؤسسات المشرفة على تلك المراكز للحصول على التراخيص، حيث ثبتت فعالية دور المعالج الوظيفي في تحسين قدراتهم بمختلف فئاتهم العمرية من خلال التدريب المباشر والعمل مع كامل فريق التدخل العلاجي والإرشاد والتوعية الأسرية.