جرعة السعادة طفلي إبراهيم
قبل أربع سنوات ونصف رزقني الله بأجمل أطفالي (إبراهيم) فرحت العائلة بقدومه، فقد كان بمثابة جرعة السعادة التي يحتاجها الجميع، وبدأ الجميع يهتم بالطفل ويحيطه بالعناية والرعاية وخاصة أنه ولد في الفترة التي عاش العالم فيها “انتشار فايروس كورونا” فأصبح التواصل محدودا والاختلاط والخروج من المنازل بضوابط وشروط، فقررت العائلة التعايش مع هذه لظروف ولله الحمد والمنة، بدأ الطفل يكبر ويكبر ويتواصل لغويا بحسب عمره واجتماعيا في حدود المنزل مع إخوته..
وفي يوم وبسب ظرف صحي طارئ أدخل طفلي المستشفى ولوحظ عليه بعض الملاحظات التي لا تتناسب مع عمره الزمني مثل عدم القدرة على التواصل اللغوي أو البصري وعدم الاستجابة للنداء والحركة الدائمة المفرطة وضعف التركيز ومن هنا بدأت رحلتي مع متابعة طفلي بعد تحويله على عيادات عديدة من مثل “العيادة النفسية والتخاطب وتعديل السلوك والعلاج الوظيفي” وطلب مني إجراء فحوصات معينة واختبارا ت الذكاء للتأكد من تشخيص الطفل من جميع النواحي..
وفعلا تم الانتهاء من تشخيصه “اضطراب طيف التوحد” ولله الحمد فشكرت الله على هذه النعمة العظيمة فأكملت رحلتي التي بدأت بين أروقة المستشفيات وأبواب العيادات وجولات بين مراكز التأهيل لاختيار المناسب لطفلي فمررت بمحاولات كثيرة نهايتها الفشل وعدم تحقيق ما أريده لطفلي فلم أتوقف ولو للحظة واحدة، فتابعت طفلي في المنزل بإحضار الأخصائيات اللاتي بذلن مجهود كبير وأنا معهن أتدرب وأتدرب حتى أصبحت أخصائية طفلي في تلك المرحلة المهمة في حياته “مرحلة التدخل المبكر” لتأهليه وتدريبه على أمور كثيرة منها الاعتماد على النفس والاستقلالية ولزيادة فرص التواصل الاجتماعي من خلال انضمامه لحضانة منزلية أختلط فيها مع الأطفال الأصحاء من هم في عمره ومن هم أكبر منه بقليل، لمدة ثلاث سنوات تقريبا، بوجود أخصائية التخاطب وتعديل السلوك في زيارات منزلية شبه يومية.
ثم بدأت بتدريبه في المنزل على مهارات عديدة تعلمتها من خلال تطوير ذاتي بحضور دورات تدريبية ولقاءات وقراءة واطلاع من مصادر المعلومات المتاحة لدي وساعدني كثيرا قيامي بتدريس طالبات برنامج التوحد الدمج الكلي في وزارة التعليم بعد تدريبي وتأهيلي من قبل أخصائيات مبدعات كن معي في نفس المدرسة التي أعمل فيها معلمة تعليم عام فكنت أطرح الأسئلة وأبحث عن المعلومة التي تفيدني حتى أتقدم في تدريب طفلي وأصل به إلى ما أريد الوصول إليه.
وفي نهاية عام 2024 اتضحت الصورة بالنسبة لي أكثر وبدأ يظهر أثر عملي ومحاولاتي ومجهودي مع طفلي وقدمت له فرصة التسجيل في مركز الجمعية السعودية للتوحد في البرنامج الصيفي وكانت المدة قصيرة ولكنها لدي أكبر فرصة لطفلي فتم التسجيل بنجاح ، فتعرفت على المركز جيدا وأعجبني ما يقدم في المركز من خدمات من جميع النواحي وكذلك أعجبني المركز إدارة ومعلمات وموظفات مسؤولات فكان دخوله في البرنامج الصيفي فاتحة خير له، شكرت الله شكرا على هذ ا التيسير وأصبحت في انتظار التسجل للعام الدراسي الجديد حتى يلتحق طفلي بالمركز لأنني وجدت فيه ضالتي التي أبحث عنها لسنوات من عمر طفلي.
والآن طفلي أحد أبطال هذا المركز الذي أفتخر باسمه، تابعت طفلي مع معلماته وأنا أرى التقدم شيئا فشيئا في شخصية طفلي وسلوكه وتطور مستوى إدراكه وتركيزه ومازالت جهودي معه في المنزل فقد تم توفير ما يحتاجه في التدريب والتأهيل في المنزل في مكان خاص يشمل على مجموعة من النشاطات التي يمارسها مساندة لما يقدم له في المركز ولا أنسى دور والده وإخوته معه في كل شيء فقد كانوا خير معين لي ولجرعة سعادتنا إبراهيم وما زالوا بارك الله فيهم وفي جهودهم وكتب الله أجر كل من وقف بجانبي ودعمني بكل شيء
أحتاجه بعد الله.
وهذه تجربتي مع طفلي وأدعو الله أن يبارك لي فيه وفي إخوته وأن يفرح قلبي بسماع صوته يحدثني ويحدث إخوته ويطلب ما يشاء.
والدة أبراهيم الشريدي
12/02/2025